Fathul Bari Ibnu Hajar 1372 / 10164

قَوْلُهُ : ( بَابُ سُنَّةِ الْعِيدِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ )
كَذَا لِلْأَكْثَرِ ، وَقَدْ اِقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَزَادَ أَبُو ذَرٍّ عَنْ الْحَمَوِيِّ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ " الدُّعَاءُ فِي الْعِيدِ " قَالَ اِبْنُ رَشِيدٍ أَرَاهُ تَصْحِيفًا ، وَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ اللَّعِبُ فِي الْعِيدِ ، يَعْنِي فَيُنَاسِبُ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَهُوَ الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيْ الْبَابِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ جَوَازِ اللَّعِبِ بَعْدَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَقَدْ رَوَى اِبْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ أَنَّهُ " لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ فَقَالَ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك ، فَقَالَ : نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك " وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّامِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ مَرْفُوعًا ، وَخُولِفَ فِيهِ ، فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ " ذَلِكَ فِعْلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ " وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ . وَرَوَيْنَا فِي " الْمَحامِلِيَّاتِ " بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اِلْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك " وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ عَائِشَةَ لِلتَّرْجَمَةِ الَّتِي اِقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ فَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا مِنْ قَوْلِهِ " وَهَذَا عِيدُنَا " لِإِشْعَارِهِ بِالنَّدْبِ إِلَى ذَلِكَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّعِبَ لَا يُوصَفُ بِالنَّدْبِيَّةِ ، لَكِنْ يُقَرِّبُهُ أَنَّ الْمُبَاحَ قَدْ يَرْتَفِعُ بِالنِّيَّةِ إِلَى دَرَجَةِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْعِبَادَةِ عَلَى اللَّعِبِ سُنَّةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، أَوْ تُحْمَلُ " السُّنَّةُ " فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ . وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي بِتَمَامِهِ بَعْدَ بَابٍ ، وَحَجَّاجُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ اِبْنُ مِنْهَالٍ . وَاسْتَشْكَلَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُنَاسَبَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَالَ فِيهَا الْعِيدَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِعِيدِ النَّحْرِ ، وَأَجَابَ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ " إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ " إِشْعَارًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَلِكَ الْيَوْمَ هِيَ الْأَمْرُ الْمُهِمُّ ، وَأَنَّ مَا سِوَاهَا مِنْ الْخُطْبَةِ وَالنَّحْرِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ يَوْمَ النَّحْرِ فَبِطَرِيقِ التَّبَعِ ، وَهَذَا الْقَدْرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ ، فَحَسَنٌ أَنْ لَا تُفْرَدَ التَّرْجَمَةُ بِعِيدِ النَّحْرِ . اِنْتَهَى . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ مُسْتَوْفًى فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ .