Silsilah Shahihah Albani 2810 / 3094

2810 - " ضحك ربنا عز وجل من قنوط عباده ، و قرب غيره ، فقال أبو رزين : أويضحك الرب
عز وجل ؟ قال : نعم . فقال : لن نعدم من رب يضحك خيرا " .


قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 732 :

أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1092 ) : حدثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن
وكيع بن عدس عن أبي رزين قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و
من هذا الوجه أخرجه أحمد في " المسند " ( 4 / 12 ) و في " السنة " ( 452 - دار
ابن القيم ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( رقم 554 - بتحقيقي ) و ابن ماجه في
" سننه " ( رقم 281 ) و عبد الله بن أحمد في " زوائد السنة " ( 453 ) و
الدارقطني في " الصفات " ( 46 / 30 - تحقيق الدكتور الفقيهي ) و الآجري في "
الشريعة " ( ص 279 و 279 - 280 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 473 )
من طريق الطيالسي - كلهم عن حماد بن سلمة به . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، رجاله
ثقات رجال مسلم غير وكيع بن عدس ، و يقال : " حدس " بالحاء بدل العين ، قال
الذهبي في " الميزان " : " لا يعرف ، تفرد عنه يعلى بن عطاء " . و قال الحافظ
في " التقريب " : " مقبول " . قلت : يعني عند المتابعة كما نص عليه في المقدمة
، و قد توبع كما يأتي . و قال الذهبي عنه في " الكاشف " : " وثق " ! قلت : يشير
إلى أن ابن حبان وثقه ، و أن توثيقه هنا غير معتمد لأنه يوثق من لا يعرف ، و
هذا اصطلاح منه لطيف عرفته منه في هذا الكتاب ، فلا ينبغي أن يفهم على أنه ثقة
عنده كما يتوهم بعض الناشئين في هذا العلم . و ابن حبان أورده في التابعين من "
ثقاته " ( 5 / 496 ) من رواية يعلى عنه فقط ، و حكى الخلاف المتقدم في " عدس "
، و قال : " أرجو أن يكون الصواب بالحاء " . و قد أخرج له حديثا آخر عن أبي
رزين في الرؤية ، و هو مخرج في " الظلال " ( 459 ) ، و لم يخرج له هذا الحديث ،
و هو عجيب منه خالف فيه الجماعة مع أنه على شرطه ، و أخشى ما أخشاه أن يكون
الصارف له عنه هو أنه صريح في إثبات صفة الضحك لله تعالى بحيث لا يمكن تأويله
كما فعل بحديث " ضحك الله من رجلين قتل أحدهما صاحبه و كلاهما في الجنة " ، فقد
رأيته تأوله تأويلا متكلفا قبيحا <1> ، خالف فيه طريقة السلف في الإثبات مع
التنزيه ، فانظر كلامه إن شئت في " صحيحه " ( 4647 - الإحسان ) ، و الحديث مخرج
في " الصحيحة " ( 1074 و 2525 ) ، و لقد كان الأحرى به أن يخرج هذا الحديث - و
هو على شرطه - من أن يخرج حديث الرؤية المشار إليه آنفا ، لأن هذا قد توبع عليه
وكيع بن عدس كما سبقت الإشارة إليه ، و الآن جاء وقت تخريج المتابع فأقول :
رواه عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري القبائي - من بني عمرو بن عوف - عن
دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي عن أبيه عن عمه
لقيط بن عامر - قال دلهم : و حدثنيه أبي : الأسود عن عاصم بن لقيط أن لقيطا خرج
وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث بطوله في صفحتين كبيرتين ، و
فيه مرفوعا : " و علم [ الله ] يوم الغيث يشرف عليكم ، آزلين مشفقين ، فيظل
يضحك قد علم أن غيركم إلى قرب " . قال لقيط : لن نعدم من رب يضحك خيرا . أخرجه
عبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " ( 4 / 13 ) و " السنة " ( 1120 ) هكذا ،
و ابن خزيمة في " التوحيد " ( 122 - 125 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " (
19 / 211 - 214 ) و ليس لابن خزيمة إسناد دلهم الثاني عن عاصم بن لقيط ، و هو
للطبراني دون الأول ، و لذلك قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 340 ) :
" رواه عبد الله و الطبراني بنحوه ، و أحد طريقي عبد الله إسنادها متصل ، و
رجالها ثقات ، و الإسناد الآخر و إسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطا
... " . قلت : و قوله : " .. ثقات " . فهو من تساهله الذي عرف به ، فإن كلا من
عبد الرحمن السمعي و دلهم بن الأسود و أبيه ثلاثتهم لا يعرفون إلا بهذا الإسناد
، و قد صرح الذهبي في " الميزان " في ترجمة دلهم بأنه لا يعرف . و أشار فيه إلى
أن الآخرين كذلك ، لأنه ليس لهما إلا راو واحد . نعم نقل الحافظ في ترجمة
الأسود عن الذهبي أنه قال فيه : " محله الصدق " . و لا أدري وجهه ، و قد قال
الحافظ فيه و في كل من الآخرين : " مقبول " . و ثلاثتهم تفرد بتوثيقهم ابن حبان
( 4 / 32 و 6 / 291 و 7 / 71 ) و هو عمدة الهيثمي في قوله السابق ! من أجل ذلك
كنت ضعفت هذا الإسناد في حديث الرؤية المشار إليه في الطريق الأولى ، و لكنني
حسنت متنه لمجموع الطريقين كما تراه مخرجا في " ظلال الجنة " ( 459 ) ، كما كنت
ضعفت الإسناد نفسه في هذا الحديث في " الظلال " أيضا ( 554 ) لكنني لم أكن قد
وقفت على هذا الطريق الثاني ، فتركت الحديث على الضعف الذي يقتضيه إسناده لأنه
لا سبيل لنا لمعرفة الصحيح و الضعيف من الحديث إلا بالإسناد ، و لذلك قال من
قال من السلف : " الإسناد من الدين ، لولا الإسناد قال من شاء ما شاء " . فلما
يسر الله تعالى لي الوقوف على هذا الطريق بادرت إلى تقوية الحديث كسابقه
فأخرجته هنا . و الحمد لله على توفيقه . و وجدت له طريقا ثالثا ، بل شاهدا و
لكنه مما لا يفرح به يرويه سلم بن سالم البلخي : حدثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة أم المؤمنين مرفوعا بلفظ : " إن الله ليضحك من
إياس العباد و قنوطهم و قرب الرحمة منهم " . قالت عائشة : قلت : يا رسول الله
بأبي أنت و أمي أويضحك ربنا تعالى ؟ قال : " والذي نفس محمد بيده إنه ليضحك " .
فقلت : لن يعدمنا منه خيرا إن ضحك . أخرجه ابن خزيمة أيضا ( ص 153 ) و ابن عدي
( 3 / 924 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 13 / 44 ) من طريق موسى بن خاقان أبي
عمران النحوي قال : حدثنا سلم بن سالم البلخي .. قلت : و هذا إسناد واه ، خارجة
بن مصعب متروك كما في " التقريب " . و سلم بن سالم البلخي ضعيف . له ترجمة في "
اللسان " . و الخلاصة أن الحديث بمجموع الطريقين حسن عندي ، و لعله الذي يعنيه
ابن تيمية بقوله : " حديث حسن " في " العقيدة الواسطية " بخلاف ابن القيم فقد
صحح الحديث بطوله في " زاد المعاد " في ( الوفود ) و قال : " هذا حديث كبير
جليل ، تنادي جلالته و فخامته و عظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة .. " !
قلت : ثم ذكر من رواه من الأئمة ، و لم يعرج على الكلام على أحد من رواته
المجهولين ، و بمثل ذاك الكلام الخطابي لا تصحح الأحاديث ! غريب الحديث : 1 - (
غيره ) ، في " شرح القاموس " : " الغير من تغير الحال ، و هو اسم بمعنى القطع و
العتب ، و يجوز أن يكون جمعا واحدته غيرة " . قال أبو الحسن السندي في " حاشية
ابن ماجه " : " و الضمير لله ، و المعنى أنه تعالى يضحك من أن العبد يصير
مأيوسا من الخير بأدنى شر وقع عليه مع قرب تغييره تعالى الحال من شر إلى خير و
من مرض إلى عافية و من بلاء و محنة إلى سرور و فرحة . لكن الضحك على هذا لا
يمكن تفسيره بالرضا " . 2 - ( قلت : لن نعدم ) من عدم كعلم إذا فقده . قال
السندي : " يريد أن الرب الذي من صفاته الضحك لا نفقد خيره بل كلما احتجنا إلى
خير وجدناه ، فإنا إذا أظهرنا الفاقة لديه يضحك فيعطي " . 3 - ( أزلين ) : "
الأزل بسكون الزاي : الشدة ، و ( الأزل ) على وزن ( كتف ) هو الذي قد أصابه
الأزل و اشتد به حتى كاد يقنط " . " زاد المعاد " . ( تنبيهات ) : الأول : قوله
في طريق دلهم : ( غيركم ) هكذا وقع في " المسند " و " السنة " و " مجمع الزوائد
" و قد سبق معناه ، و يبدو أنه أشكل أمره على بعضهم فتصرفوا فيه ، فوقع في "
زاد المعاد " و " التوحيد " ( غوثكم ) و في " معجم الطبراني " المطبوع : (
عودتكم ) ! و قال المعلق عليه : " و في الأصل ( عوتكم ) ، و في " المجمع " (
غيركم ) ، و اخترت ( عودتكم ) لأن السياق يدل عليه " ! كذا قال ، و قد عرفت
الصواب . الثاني : قال ابن كثير في تفسير سورة البقرة : " و في حديث أبي رزين :
" عجب ربك من قنوط عباده و قرب غيثه ، فينظر إليهم قنطين ، فيظل يضحك يعلم أن
فرجهم قريب " الحديث . و لم أره بهذا اللفظ ، فالظاهر أنه رواه بالمعنى . و
الله أعلم . تنبيه ثالث : قد عزا الحديث من الطريق الثاني لأحمد في " مسنده "
غير ما واحد من المتقدمين و المتأخرين ، و هو خطأ ، و الصواب أنه من زيادات
ابنه عبد الله في " المسند " كما تقدم ذكره في التخريج ، و كما في " جامع
المسانيد " ( 10 / 649 / 8160 ) . عظة و عبرة : لقد لفت نظري تناقض موقف
الشيخين الحلبيين الصابوني و الرفاعي حول حديث ابن كثير الذي ذكره بلفظ : " عجب
.. " فالأول لم يورده في " مختصره " ، بخلاف الآخر فإنه أورده في " مختصره ( 1
/ 173 ) و قد ذكر في مقدمته أنه لا يورد فيه إلا الأحاديث الصحيحة ! و كذلك ذكر
الأول ، و قد أخلا بشرطهما هذا في عشرات الأحاديث كما بينت ذلك في " الضعيفة "
، فليراجع من شاء الوقوف عليها فهرس المواضيع و الفوائد من المجلد الثالث و
الرابع منها . و هذا مثال جديد نذكره هنا يؤكد أن الشيخ نسيب - رحمه الله -
حينما يصحح أو يضعف ، فإنما هو " خباط عشوات " كما يروى عن علي ، و إلا فكيف
يصحح حديثا لا أصل له في شيء من كتب السنة باللفظ المذكور ؟! و بهذه المناسبة
أقول : إن قول صاحبنا الشيخ مقبل بن هادي في تخريجه لحديث ابن كثير هذا ( 1 /
445 - الكويت ) : " رواه أحمد ( ! ) ج 4 ص 13 بمعناه ، و هو حديث ضعيف لأنه من
طريق عبد الرحمن بن عياش السمعي عن دلهم بن الأسود و هما مجهولان " . أقول :
فقوله : " بمعناه " ليس بصحيح ، لأن " العجب " غير " الضحك " ، فهما صفتان لله
عز وجل عند أهل السنة - و هو منهم و الحمد لله - خلافا للأشاعرة ، فإنهم لا
يعتقدونهما ، بل يتأولونهما بمعنى الرضا ! فلعله لم يتنبه للازم هذا القول ، و
لهذا قيل : لازم المذهب ليس بمذهب ! و أما قوله : و هو حديث ضعيف ، فهو مسلم
بالنظر لطريق السمعي المذكورة ، و قد فاته الطريق الأخرى التي ابتدأنا التخريج
بها ، و حسنا الحديث بمجموعهما . فلعله لو وقف عليها يرجع عن جزمه بضعف الحديث
. و الله أعلم . و أما الشيخ الصابوني ، فغالب الظن أنه لم يورد الحديث لأنه لم
يرق له لفظه ، فإنه من الأشاعرة أو الماتريديين المؤولين ، و ليس لأنه عرف أنه
لا أصل له بلفظ أصله !

-----------------------------------------------------------
[1] و قد حكى الإمام الدارمي نحوه في رده على المريسي ثم أبطله ، فراجعه فإنه
مهم ( ص 177 - 178 ) . اهـ .