30 - " بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش ، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل
فنزعت موقها ، فاستقت له به فسقته إياه ، فغفر لها به " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 35 :
رواه البخاري ( 2 / 376 طبع أوربا ) و مسلم ( 7 / 45 ) و أحمد ( 2 / 507 )
من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا .
و تابعه أنس بن سيرين عن أبي هريرة نحوه .
و رواه أحمد ( 2 / 510 ) و سنده صحيح أيضا .
( الركية ) : بئر لم تطو أو طويت .
و من الآثار في الرفق بالحيوان :
---------------------------------
أ - عن المسيب بن دار قال :
رأيت عمر بن الخطاب ضرب جمالا ، و قال : لم تحمل على بعيرك مالا يطيق ؟ !
رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 127 ) و سنده صحيح إلى المسيب ابن دار ،
و لكني لم أعرف المسيب هذا .
ثم تبين لي أن الصواب في اسم أبيه ( دارم ) ، هكذا ورد في سند هذا الأثر عند
أبي الحسن الأخميمي في " حديثه " ( ق 62 / 2 ) ، و هكذا أورده ابن أبي حاتم
في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 294 ) و قال : " مات سنة ست و ثمانين " و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 1 / 227 )
و كناه بأبي صالح .
ب - عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب :
أن رجلا حد شفرة و أخذ شاة ليذبحها ، فضربه عمر بالدرة و قال أتعذب الروح ؟!ألا
فعلت هذا قبل أن تأخذها ؟ ! رواه البيهقي ( 9 / 280 - 281 ) .
ج - عن محمد بن سيرين :
أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يجر شاة ليذبحها فضربه بالدرة و قال : سقها - لا
أم لك - إلى الموت سوقا جميلا .
رواه البيهقي أيضا .
د - عن وهب بن كيسان :
أن ابن عمر رأى راعي غنم في مكان قبيح ، و قد رأى ابن عمر مكانا أمثل منه ،
فقال ابن عمر : ويحك يا راعي حولها ، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : " كل راع مسؤول عن رعيته " .
رواه أحمد ( رقم 5869 ) و سنده حسن .
هـ - عن معاوية بن قرة قال :
كان لأبي الدرداء جمل يقال له : ( دمون ) ، فكان إذا استعاروه منه قال : لا
تحملوا عليه إلا كذا و كذا ، فإنه لا يطيق أكثر من ذلك ، فلما حضرته الوفاة
قال : يا دمون لا تخاصمني غدا عند ربي ، فإني لم أكن أحمل عليك إلا ما تطيق .
رواه أبو الحسن الأخميمي في " حديثه " ( 63 / 1 ) .
و - عن أبي عثمان الثقفي قال :
كان لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه غلام يعمل على بغل له يأتيه بدرهم كل يوم
فجاء يوما بدرهم و نصف ، فقال : أما بدا لك ؟ قال : نفقت السوق ، قال :
لا و لكنك أتعبت البغل ! أجمه ثلاثة أيام .
رواه أحمد في " الزهد " ( 19 / 59 / 1 ) بسند صحيح إلى أبي عثمان ، و أما هذا
فلم أجد له ترجمة .
تلك هي بعض الآثار التي وقفت عليها حتى الآن ، و هي تدل على مبلغ تأثر المسلمين
الأولين بتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في الرفق بالحيوان ، و هي في
الحقيقة قل من جل و نقطة من بحر ، و في ذلك بيان واضح أن الإسلام هو الذى وضع
للناس مبدأ ( الرفق بالحيوان ) ، خلافا لما يظنه بعض الجهال بالإسلام أنه من
وضع الكفار الأوربيين ، بل ذلك من الآداب التي تلقوها عن المسلمين الأولين ، ثم
توسعوا فيها ، و نظموها تنظيما دقيقا ، و تبنتها دولهم حتى صار الرفق بالحيوان
من مزاياهم اليوم ، حتى توهم الجهال أنه من خصوصياتهم ! و غرهم في ذلك أنه لا
يكاد يرى هذا النظام مطبقا في دولة من دول الإسلام ، و كانوا هم أحق بها
و أهلها !
و لقد بلغ الرفق بالحيوان في بعض البلاد الأوربية درجة لا تخلو من المغالاة ،
و من الأمثلة على ذلك ما قرأته في " مجلة الهلال " ( مجلد 27 ج 9 ص 126 ) تحت
عنوان : " الحيوان و الإنسان " :
" إن محطة السكك الحديدية في كوبنهاجن كان يتعشعش فيها الخفاش زهاء نصف قرن ،
فلما تقرر هدمها و إعادة بنائها أنشأت البلدية برجا كلفته عشرات الألوف من
الجنيهات ، منعا من تشرد الخفاش " .
و حدث منذ ثلاث سنوات أن سقط كلب صغير في شق صغير بين صخرتين في إحدى قرى
إنكلترا ، فجند له أولو الأمر مائة من رجال المطافئ لقطع الصخور و إنقاذ
الكلب ! و ثار الرأي العام في بعض البلاد أخيرا عندما اتخذ الحيوان وسيلة
لدراسة الظواهر الطبيعية ، حين أرسلت روسيا كلبا في صاروخها ، و أرسلت أمريكا
قردا . |