1984 - قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَان ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر )
فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَمُوَافِقَيْهِمْ فِي اِسْتِحْبَاب صَوْم هَذِهِ السِّتَّة ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : يُكْرَه ذَلِكَ ، قَالَ مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ : مَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم يَصُومهَا ، قَالُوا : فَيُكْرَهُ ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ . وَدَلِيل الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح ، وَإِذَا ثَبَتَتْ السُّنَّة لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا ، وَقَوْلهمْ : قَدْ يُظَنّ وُجُوبهَا ، يُنْتَقَض بِصَوْمِ عَرَفَة وَعَاشُورَاء وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّوْم الْمَنْدُوب . قَالَ أَصْحَابنَا : وَالْأَفْضَل أَنْ تُصَامَ السِّتَّةُ مُتَوَالِيَةً عَقِبَ يَوْم الْفِطْرِ ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَائِل شَوَّال إِلَى أَوَاخِره حَصَلَتْ فَضِيلَة الْمُتَابَعَةُ ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال ، قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْر ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَالسِّتَّة بِشَهْرَيْنِ ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا فِي حَدِيث مَرْفُوع فِي كِتَاب النَّسَائِيِّ .
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سِتًّا مِنْ شَوَّال ) صَحِيح ، وَلَوْ قَالَ : ( سِتَّة ) بِالْهَاءِ جَازَ أَيْضًا ، قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : صُمْنَا خَمْسًا وَسِتًّا وَخَمْسَةً وَسِتَّةً ، وَإِنَّمَا يَلْتَزِمُونَ الْهَاء فِي الْمُذَكَّر إِذَا ذَكَرُوهُ بِلَفْظِهِ صَرِيحًا ، فَيَقُولُونَ : صُمْنَا سِتَّةَ أَيَّامٍ ، وَلَا يَجُوز : سِتَّ أَيَّامٍ ، فَإِذَا حَذَفُوا الْأَيَّام جَازَ الْوَجْهَانِ ، وَمِمَّا جَاءَ حَذْفُ الْهَاءِ فِيهِ مِنْ الْمُذَكَّرِ إِذَا لَمْ يُذْكَرْ بِلَفْظِهِ قَوْله تَعَالَى : { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } أَيْ : عَشَرَة أَيَّام ، وَقَدْ بَسَطْت إِيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء وَاللُّغَات ، وَفِي شَرْح الْمُهَذَّب . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . |