2792 - " لعن الله الواشمات و المستوشمات [ و الواصلات ] و النامصات و المتنمصات و
المتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 691 :
أخرجه الشيخان و أصحاب السنن و غيرهم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه . و
هو مخرج في " آداب الزفاف " ( ص 203 - الطبعة الجديدة ) من مصادر مطبوعة و
مخطوطة ، فلا داعي لإعادة تخريجه هنا ، و إنما أوردته لزيادة ( الواصلات ) ،
فقد خفيت على بعض المعاصرين ، فرتب على ذلك حكما يخالف حكم الوشم و غيره من
المقرونات معه كما يأتي بيانه . و الحديث عندهم جميعا من رواية علقمة عن ابن
مسعود ، و الزيادة المذكورة لأبي داود ( 4169 ) بسنده الصحيح عن جرير عن منصور
عن إبراهيم عنه . و له متابع قوي ، أخرجه البخاري ( 4887 ) من طريق سفيان ( هو
الثوري ) قال : ذكرت لعبد الرحمن بن عابس حديث منصور عن إبراهيم عن علقمة عن
عبد الله رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة " ،
فقال : " سمعته من امرأة يقال لها أم يعقوب عن عبد الله مثل حديث منصور " . قلت
: حديث منصور هو حديث الترجمة ، فهذه طريق أخرى صحيحة إلى علقمة - غير طريق أبي
داود - تقويها ، و ترفع عنها احتمال قول بعض ذوي الأهواء بشذوذها . و يزيدها
قوة رواية عبد الرحمن بن عابس عن أم يعقوب ، قال الحافظ في " فتح الباري " ( 10
/ 373 ) : " ( تنبيه ) : أم يعقوب هذه لا يعرف اسمها ، و هي من بني أسد بن
خزيمة ، و لم أقف لها على ترجمة ، و مراجعتها ابن مسعود تدل على أن لها إدراكا
. و الله سبحانه و تعالى أعلم " . قلت : و قصة المراجعة كما في " الصحيحين "
عقب الحديث : " قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، و كانت
تقرأ القرآن ، فأتته ، فقالت : ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات .. (
الحديث ) ؟ فقال عبد الله : و مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم و هو في كتاب الله ؟! فقالت المرأة : لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما
وجدته ! فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، قال الله عز وجل : *( و ما آتاكم
الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا )* . فقالت المرأة : فإني أرى شيئا من هذا
على امرأتك الآن ، قال : اذهبي فانظري . قال : فدخلت على امراة عبد الله فلم تر
شيئا ، فجاءت إليه فقالت : ما رأيت شيئا ، فقال : أما لو كان ذلك لم نجامعها "
. ثم وجدت للزيادة طريقا ثالثا من طريق مسروق : أن امرأة أتت عبد الله بن مسعود
، فقالت : إني امراة زعراء أيصلح أن أصل في شعري ؟ فقال : لا . قالت : أشيء
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تجده في كتاب الله ؟ قال : لا ، بل
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أجده في كتاب الله ، و ساق الحديث .
أخرجه النسائي ( 2 / 281 ) هكذا ، و أحمد ( 1 / 415 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 9 / 337 / 9468 ) بتمامه نحو حديث علقمة ، و من الظاهر أن هذه
المرأة هي أم يعقوب المذكورة في رواية علقمة ، و كذلك هي هي في رواية قبيصة بن
جابر ( و هو ثقة مخضرم ) قال : " كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها
، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته في ثلاث نفر ، فرأى جبينها
يبرق ! فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، و قالت : التي تحلق جبينها امرأتك . قال :
فادخلي عليها ، فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ، ثم جاءت فقالت : لا
والله ما رأيتها تفعله ، فقال عبد الله بن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . رواه الهيثم بن كليب في " مسنده " بسند حسن كما في " آداب
الزفاف " ( ص 203 و 204 - الطبعة الجديدة ) . ( فائدة ) : قال الحافظ في "
الفتح " ( 10 / 372 - 373 ) : " قوله : " و المتفلجات للحسن " يفهم منه أن
المذمومة من فعلت ذلك لأجل الحسن ، فلو احتاجت إلى ذلك لمداواة مثلا جاز . قوله
: " المغيرات خلق الله " هي صفة لازمة لمن يصنع الوشم و النمص و الفلج ، و كذا
الوصل على إحدى الروايات " . و قال العيني في " عمدة القارىء " ( 22 / 63 ) : "
قوله : " المغيرات خلق الله تعالى " كالتعليل لوجوب اللعن " . فإذا عرفت ما سبق
يتبين لك سقوط قول الشيخ الغماري في رسالته " تنوير البصيرة ببيان علامات
الكبيرة " ( ص 30 ) : " قلت : تغيير خلق الله يكون فيما يبقى أثره كالوشم و
الفلج ، أو يزول ببطء كالتنميص ، أما حلق اللحية فلا يكون تغييرا لخلق الله لأن
الشعر يبدو ثاني يوم من حلقه .. " . أقول : فهذا كلام باطل من وجوه : الأول :
أنه مجرد دعوى لا دليل عليها من كتاب أو سنة أو أثر ، و قديما قالوا : و
الدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء . الثاني : أنه خلاف ما يدل
عليه زيادة " الواصلات " ، فإن الوصل ، ليس كالوشم و غيره مما لا يزول ، أو
يزول ببطء و لاسيما إذا كان من النوع الذي يعرف اليوم بـ ( الباروكة ) فإنه
يمكن إزالتها بسرعة كالقلنسوة . الثالث : أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر حلق
الجبين و احتج بالحديث كما تقدم في رواية الهيثم ، فدل على أنه لا فرق بين
الحلق و النتف من حيث أن كلا منهما تغيير لخلق الله . و فيه دليل أيضا على أن
النتف ليس خاصا بالحاجب كما زعم بعضهم . فتأمل . الرابع : أنه مخالف لما فهمه
العلماء المتقدمون ، و قد مر بك قول الحافظ الصريح في إلحاق الوصل بالوشم و
غيره . و أصرح من ذلك و أفيد ، ما نقله ( 10 / 377 ) عن الإمام الطبري قال : "
لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص
التماس الحسن ، لا للزوج و لا لغيره ، لمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما
بينهما توهم البلج ، أو عكسه ، و من تكون لها سن زائدة فتقلعها ، أو طويلة
فتقطع منها ، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف ، و من يكون شعرها قصيرا
أو حقيرا فتطوله ، أو تغزره بشعر غيرها ، فكل ذلك داخل في النهي ، و هو من
تغيير خلق الله تعالى . قال : و يستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر و الأذية كمن
يكون لها سن زائدة ، أو طويلة تعيقها في الأكل .. " إلخ . قلت : فتأمل قول
الإمام : " أو عكسه " ، و " أو لحية .. " ، و قوله : " فكل ذلك داخل في النهي ،
و هو من تغيير خلق الله " . فإنك ستتأكد من بطلان قول الغماري المذكور ، و الله
تعالى هو الهادي . هذا و في رؤية ابن مسعود جبين العجوز يبرق دليل على أن " وجه
المرأة ليس بعورة " ، و الآثار في ذلك كثيرة قولا و فعلا ، و قد سقت بعضها في "
جلباب المرأة المسلمة " . و أما ما زعمه البعض بأنه لا دليل في هذه الرواية على
ذلك ، لأن العجوز من القواعد ! فهو مما لا دليل عليه ، فلا يلزم من كونها عجوزا
أن تكون قاعدة كما لا يخفى ، و إنما ذكرنا ذلك استشهادا ، و فيما ذكر هناك من
الأدلة كفاية . |